في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية الهبوطية وتخفيض المخزون، واجهت صناعة الكيماويات العالمية في عام 2023 اختبار الازدهار الشامل، وفشل الطلب على المنتجات الكيماوية بشكل عام في تلبية التوقعات.
تُعاني صناعة الكيماويات الأوروبية من ضغوطٍ مُضاعفة، تتمثل في التكلفة والطلب، كما يُواجه إنتاجها تحدياتٍ هيكليةً بالغة. فمنذ بداية عام 2022، شهد إنتاج الكيماويات في دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين انخفاضًا مُستمرًا على أساس شهري. ورغم انحسار هذا الانخفاض في النصف الثاني من عام 2023، مع انتعاشٍ طفيفٍ مُتتالي في الإنتاج، إلا أن طريق تعافي صناعة الكيماويات في المنطقة لا يزال مُحفوفًا بالعقبات. وتشمل هذه العقبات ضعف نمو الطلب، وارتفاع أسعار الطاقة الإقليمية (حيث لا تزال أسعار الغاز الطبيعي أعلى بنحو 50% من مستويات عام 2021)، واستمرار الضغط على تكاليف المواد الخام. إضافةً إلى ذلك، وفي أعقاب تحديات سلسلة التوريد التي سببتها قضية البحر الأحمر في 23 ديسمبر من العام الماضي، فإن الوضع الجيوسياسي الحالي في الشرق الأوسط مُضطرب، مما قد يُؤثر على تعافي صناعة الكيماويات العالمية.
على الرغم من تفاؤل شركات الكيماويات العالمية الحذر بشأن انتعاش السوق في عام ٢٠٢٤، إلا أن توقيت هذا الانتعاش الدقيق لم يتضح بعد. ولا تزال شركات الكيماويات الزراعية حذرة بشأن مخزونات الأدوية الجنيسة العالمية، والتي ستشكل بدورها ضغطًا على السوق خلال معظم عام ٢٠٢٤.
يشهد سوق المواد الكيميائية الهندي نموًا سريعًا
يشهد سوق الكيماويات الهندي نموًا قويًا. ووفقًا لتحليل "التصنيع اليوم"، من المتوقع أن ينمو سوق الكيماويات الهندي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 2.71% خلال السنوات الخمس المقبلة، مع توقعات بارتفاع إجمالي الإيرادات إلى 143.3 مليار دولار أمريكي. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يرتفع عدد الشركات إلى 15,730 شركة بحلول عام 2024، مما يعزز مكانة الهند المهمة في صناعة الكيماويات العالمية. ومع تزايد الاستثمار المحلي والأجنبي وزيادة القدرة على الابتكار في هذه الصناعة، من المتوقع أن تلعب صناعة الكيماويات الهندية دورًا أكثر أهمية على الساحة العالمية.
أظهرت صناعة الكيماويات الهندية أداءً اقتصاديًا كليًا قويًا. وقد عزز الموقف المنفتح للحكومة الهندية، إلى جانب إنشاء آلية موافقة تلقائية، ثقة المستثمرين وضخّ زخمًا جديدًا لاستمرار ازدهار صناعة الكيماويات. بين عامي 2000 و2023، استقطبت صناعة الكيماويات الهندية استثمارًا أجنبيًا مباشرًا تراكميًا بلغ 21.7 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك استثمارات استراتيجية من شركات كيميائية عملاقة متعددة الجنسيات مثل باسف وكوفيسترو وأرامكو السعودية.
من المتوقع أن يصل معدل النمو السنوي المركب لصناعة الكيماويات الزراعية الهندية إلى 9% من عام 2025 إلى عام 2028
في السنوات الأخيرة، تسارعت وتيرة تطوير سوق الكيماويات الزراعية والصناعة الهندية، وتعتبر الحكومة الهندية صناعة الكيماويات الزراعية واحدة من "12 صناعة ذات الإمكانات الأكبر للقيادة العالمية في الهند"، وتروج بنشاط لمبادرة "صنع في الهند" لتبسيط تنظيم صناعة المبيدات، وتعزيز بناء البنية التحتية، والسعي إلى تعزيز الهند لتصبح مركزًا عالميًا لإنتاج وتصدير الكيماويات الزراعية.
وبحسب وزارة التجارة الهندية، بلغت صادرات الهند من الكيماويات الزراعية في عام 2022 نحو 5.5 مليار دولار، متجاوزة الولايات المتحدة (5.4 مليار دولار) لتصبح ثاني أكبر مصدر للكيماويات الزراعية في العالم.
علاوةً على ذلك، يتوقع أحدث تقرير صادر عن شركة روبيكس داتا ساينسز أن يشهد قطاع الكيماويات الزراعية الهندي نموًا ملحوظًا خلال السنوات المالية 2025-2028، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 9%. وسيؤدي هذا النمو إلى رفع حجم سوق هذه الصناعة من 10.3 مليار دولار أمريكي حاليًا إلى 14.5 مليار دولار أمريكي.
بين السنة المالية 2019 و2023، نمت صادرات الكيماويات الزراعية الهندية بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 14% لتصل إلى 5.4 مليار دولار في السنة المالية 2023. وفي الوقت نفسه، كان نمو الواردات ضعيفًا نسبيًا، حيث نما بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 6% فقط خلال نفس الفترة. وقد زاد تركيز أسواق التصدير الرئيسية للهند للكيماويات الزراعية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث تمثل الدول الخمس الكبرى (البرازيل والولايات المتحدة وفيتنام والصين واليابان) ما يقرب من 65% من الصادرات، وهي زيادة كبيرة من 48% في السنة المالية 2019. نمت صادرات مبيدات الأعشاب، وهي قطاع فرعي مهم من الكيماويات الزراعية، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 23% بين السنة المالية 2019 و2023، مما زاد حصتها من إجمالي صادرات الكيماويات الزراعية الهندية من 31% إلى 41%.
بفضل الأثر الإيجابي لتعديلات المخزون وزيادة الإنتاج، من المتوقع أن تشهد شركات الكيماويات الهندية زيادة في صادراتها. ومع ذلك، من المرجح أن يظل هذا النمو أقل من مستوى التعافي المتوقع للسنة المالية 2025 بعد التباطؤ الذي شهدناه في السنة المالية 2024. إذا استمر تعافي الاقتصاد الأوروبي بطيئًا أو غير منتظم، فإن آفاق صادرات شركات الكيماويات الهندية في السنة المالية 2025 ستواجه تحديات حتمية. قد يوفر فقدان الميزة التنافسية في صناعة الكيماويات في الاتحاد الأوروبي والزيادة العامة في ثقة الشركات الهندية فرصةً لصناعة الكيماويات الهندية لتبوؤ مكانة أفضل في السوق العالمية.
وقت النشر: ١٤ يونيو ٢٠٢٤